الآفاق المستقبلية للحضارة عند مالك بن نبي

عدد القراءات :3340

د/ سرحان بن خميس
جامعة باتنة- الجزائر

إشكالية البحث
إن القلق إزاء مستقبل الإنسان ظاهرة موصولة بسالف الأمم و الأزمان فمحاولات الإنسان معرفة المستقبل بشتى السبل ظاهرة تاريخية حقة، غير أنه من سمات هذا العصر الأساسية التفكير في المستقبل، إذ لم يعد الإنسان في عصرنا ينظر إلى المستقبل على أنه ذلك المجهول الذي ليس للإنسان إزاءه إلا التسليم به، إذ ما حاجتنا إلى بذل الجهد في مجال قدّره الله و حدّده، و نحن الضعفاء أمام قدرته لا نملك حولا و لا جهدا لتغيير ما خطه القدر؟ أم أنه الفرار من مقتضيات العهد و الأمانة، و فرار من واجبات الاستخلاف والتسخير خوفا من الابتلاء؟ .
صحيح أنه لا أحد كان يتوقع ما حدث بالشكل الذي حدث ويحدث به، لذلك فما الفائدة من الحديث عن آفاق المستقبل؟ و ما الذي يبرر مشروعية مثل هذا الحديث عن موضوع حساس كالحضارة عند مالك بن نبي؟، وكيف نظر مالك بن نبي لتاريخ الحضارة؟
هذا ما يحاول الباحث تحليله وبالقدر الذي تسمح به المساحة المتاحة من خلال ثلاثة مباحث متكاملة.

المبحث الأول
الدراســـة المفاهيميــــــة

أولا: مفهوم الآفاق المستقبلية
قبل الإجابة عن أسئلة الإشكالية آنفة الذكر يجدر بنا تعريف هذا المركب للآفاق المستقبلية لتكون ثماره مادة لبلورة المخططات و شجرته الممتدة ظلالا تستظل في فيئها الحضارة من شمس الواقع المحرقة ولهيب قضايا العصر المتشعبة.
أ- الآفاق لغة:
قال ابن فارس: «” أفق” الهمزة و الفاء و القاف أصل واحد يدل على تباعد ما بين أطراف الشيء وأتباعه و على بلوغ النهاية …وآفاق السماء فيما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها، و يقال الرجل الآفق الذي بلغ النهاية»(1) .
وجاء في لسان العرب أن مادة «أفق بضم الفاء و سكونها: ما ظهر من نواحي الفلك و أطراف الأرض و الجمع آفاق مثل آفاق السماء و نواحيها»(2)، و جاء في التنزيل الحكيم قوله تعالى: ( سَنُرِيهِمْ ءَايَــتِنَا فِي الْأَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(3) .
قال ابن عطية في تفسيره: «الآفاق هي آفاق السماء و أراد به الآيات في الشمس و القمر والرياح و غير ذلك»(4) و الملاحظ أنه اعتمد في تفسيره لكلمة الآفاق على الناحية المادية الكونية، أما وهبة الزحيلي فتوسع أكثر من ذلك حيث قصد بالآفاق النواحي المعنوية فقال في تفسير هذه الآية: «سنطلعهم على عظمة آياتنا و صدقها في أقطار السماء والأرض و سيتبين لهم في المستقبل واقع ما أخبرناهم به من الحوادث الآنية و آثار النوازل الماضية»(5)، و«الآفق على فاعل و هو الذي بلغ الغاية في العلم و غيره وأَفَق على أصحابه يأفِق أَفْقًا: أفضلَ عليهم»(6).
أي أن لفظة الآفاق تبين اتجاه الأحداث و الظواهر و الأشياء، وليس الحوادث والظواهر والأشياء نفسها(7)
ب- المستقبل لغة:
قال ابن فارس: « ” قبل” القاف و الباء و اللام أصل واحد صحيح تدل على مواجهة الشيء للشيء»(8) .
وجاء في لسان العرب مادة قبل: قَبْلُ نقيض بَعد و القُبْل و القُبُلُ من كل شيء نقيض الدُّبْر والدُّبُرُ. و القابلة الليلة المقبلة و عام قابِل أي مُقْبِل والقابل المستقبل، وقَبَلَت المكان: استقبلته والاستقبال ضد الاستدبار، و يقال فلان قُبالتي أي مستقبَلي، و قبِل الشيء قَبُولا و قُبُولاً، والقبول ما استقبلك بين يديك إذا وقفت في القبلة، و سميت القبلة قَبولاً لأن النفس تقبلها(9).
أي أن لفظة مستقبل تفيد الاستقبال والقبول، فأما معنى الاستقبال فيعبر عن قولنا استقبل فلان القبلة، بمعنى اتجه نحو الوجهة وباشر الهدف وصوب نحوه طالبا البلوغ والوصول، ومن معاني الاستقبال المقابلة وهي الاستعداد لمواجهة الشيء وجها لوجه وهي ضد الاستدبار، وأما القبول فمعناه أن يتقبل المرء ويقبل بما قد يصير باتجاهه من القبلة المقصودة(10)، هذا القبول والاستعداد ينطلق من نقطة زمنية ماضية ويمضي باتجاه المستقبل استعداداً لمواجهة أحداثه.
ج- الآفاق المستقبلية في سياق البحث:
استنادا إلى هذه المعاني التي وضعها بين أيدينا التحليل اللغوي لكلمتي آفاق ومستقبل، وتماشيا مع أهداف البحث و التزاماته المنهجية فإننا نعني بالآفاق المستقبلية:
«تصور الواقع المقبل للأحداث والظواهر، انطلاقا من شرفة واقعها الحاضر، واستيعابا لعِبَر واقعها الراحل».
وباستصحاب هذا التعريف للآفاق المستقبلية والمتعلق بالدراسات المستقبلية، يجب أن يوضع في الحسبان أن التاريخ- حسب مالك بن نبي- لا يسير حسب توقع من التوقعات أو استشراف من الاستشرافات(11)، ومع ذلك فإن عدم القابلية للتوقع الدقيق لا يعني استحالة التفسير، بمعنى نستطيع – حسب مالك بن نبي دائما- أن نتبين كيف أن وقوع بعض الأحداث كان ممكنا لأن الواقع كان محملا بها، لأنه لا مصادفة في الكون، بل هي أسباب يمكن التعرف إليها وضبطها، ذلك أنْ لا شيء يقع في المستقبل لم يكن له أساس في الماضي والحاضر(12).
إذا وجدنا ما يبرر الحديث عن آفاق للمستقبل، فثمة تساؤلات جوهرية حول هذه الآفاق المستقبلية للحضارة، وكذا وجهتها، فمن هنا إذا تكلّمنا عن الآفاق المستقبلية للحضارة فإنّه ينبغي النّظر إلى هذه الآفاق من خلال ما به تتحدّد وتتخصّص أي مفهوم الحضارة، فما هي الحضارة عند مالك بن نبي؟

ثانيا:حقيقة الحضارة:
أ – الحضارة لغة: أوردت قواميس اللغة العربية سبع دلالات لمادة حَضَرَ، غير أن أعمها وأولها وأكثرها تكرارا يشير إلى استخدام حضر بمعنى شهد، أي الحضور كنقيض للمغيب، والحضارة بمعنى الشهادة(13) .
وللشهادة في القرآن دلالات أربع متكاملة فيما بينها تتحد لتؤدي معنى الحضارة أو الشهادة في الفهم الإسلامي وهذه الدلالات هي:
أ- الشهادة بمعنى التوحيد والإقرار بالعبودية لله.
ب- الشهادة بمعنى قول الحق وسلوك طريق العدل.
ج- الشهادة بمعنى التضحية والفداء.
د- الشهادة كوظيفة لهذه الأمة لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَــكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّـتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)(14) .
ب – الحضارة عند مالك بن نبي:
أما عند مالك بن نبي فهي قيمة ثقافية بحسب الجوهر، وإنتاج فكرة يدخل بها المجتمع التاريخ، بحسب المبدأ، وهي الإنسان والتراب والزمن، وبحسب المركب الاجتماعي هي جملة العوامل المعنوية والمادية التي تؤهل المجتمع للتقدم(15).
وعرفها من وجهة نظر وظيفية بأنها: مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده، في كل طور من أطوار وجوده، منذ الطفولة إلى الشيخوخة المساعدة الضرورية له في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه(16).
أي إن الحضارة عند مالك بن نبي تتعلق بتلك العملية التفاعلية المستمرة بين الفكرة الدينية والعقل الإنساني والواقع، ومن ثم فإن مقولة الآفاق المستقبلية تبقى مقولة فارغة إذا لم تضف إلى هذه العملية التفاعلية المستمرة بين الفكرة الدينية والعقل والواقع.
ثالثا: الآفاق المستقبلية للحضارة :
تماشيا مع أهداف البحث والتزاماته المنهجية فإننا نعني بالآفاق المستقبلية للحضارة : « تصور الواقع المقبل في تفاعله مع الفكرة الدينية والعقل، انطلاقا من شرفة الواقع الحاضر في تفاعله مع الفكرة الدينية والعقل، واستيعابا لعِبَر الواقع الراحل في تفاعله مع الفكرة الدينية والعقل».
فإذا تمكن الإنسان من إدراك جيد لمثل هذه العملية التفاعلية واتجاه تطورها أو على الأقل الاتجاهات الممكنة لها، أمكن له تبيّن آفاق المستقبل لحضارته، وفي هذا لا بد من التنبيه إلى أن الحديث عن آفاق المستقبل للحضارة يكون مجرد مغامرة خطابية إذا هو لم يستند إلى ثلاث ركائز أساسية :
– الإدراك الجيد للواقع الراهن والماضي،
– الإدراك العلمي والمنهجي للفكرة الدينية،
– وتوافر إرادة التحضر بالشكل الذي ينبغي أن يكون.
هي ثلاثية تتفاعل مع بعضها كل منها شرط للأخرى، فإرادة التحضر شرط في اتجاه الإدراك السليم للواقع و مفاصله، و الإدراك الجيد لمفاصل الواقع الراهن و الماضي شرط للإدراك العلمي والمنهجي للفكرة الدينية، و هو شرط لنجاح إرادة التحضر و هكذا …الخ.
وتصور مثل هذا التفاعل في عصرنا هو بمثابة تحديد لنموذج(17) حضاري مستقبلي، حيث يخضع هذا النموذج لخصائص الواقع الإنساني المعاصر ويستجيب لحاجاته، ولم يدّعِ مالك بن نبي أن بإمكانه بلورته ولكن حَسْبه الدعوة إلى التجديد من بعد المراجعة والتقويم، حيث لا نترك للآخر أن يحدِّد لنا واقعنا ويشكل لنا بدائل المستقبل، والمهم ليس النظر إلى المستقبل كزمن مجرد إنما كواقع مُقبل ينبغي استكشاف كنهه والتحكم في أشكاله.
لذلك سنتناول هذه الآفاق المستقبلية من خلال عنصرين:
– يُشكِّل العنصر الأول مرحلة المراجعة والتقويم أو الاستيعاب، إشارة إلى دعوة مالك بن نبي لاستيعاب عِبر الواقع الراحل في تفاعله مع الفكرة الدينية والعقل،
– ويشكِّل العنصر الثاني مرحلة التجديد، إشارة إلى مرحلة تصور الواقع المقبل في تفاعله مع الفكرة الدينية والعقل.

المبحث الثاني
مالك بن نبي وفِقْــه الاستيعــاب

عندما يتحدث مالك بن نبي عن الاستيعاب أو المراجعة والتقويم فهو يقصد بالدرجة الأولى ذلك البحث الفلسفي للتاريخ من حيث هو رافد من روافد الحضارة؛ فهو يرى- أي مالك بن نبي- ما يراه فلاسفة التاريخ من فارق بين النظرة إلى التاريخ باعتباره مجرد حوادث تتعاقب دون ما ربط جدلي بينها وبين النظرة إليه باعتباره سيرا مطردا تترتب فيه الحوادث ترتيبا منطقيا كما تترتب عن الأسباب مسبباتها”(18)، فابن نبي يرى أن التاريخ من صنع الإنسان بالدرجة الأولى فلا هو قدر محتوم تخطه المشيئة ولا قدر أعمى تخطه الحتمية التاريخية، فهو يقدم رؤية أكثر تفاؤلا حين يضع بين يدي الإنسان مفاتيح التغيير بل مفتاح المصير وذلك حين نعلم أن الأسباب التاريخية كلها تصدر عن سلوكنا وتنبع من أنفسنا، من مواقفنا حيال الأشياء أي من إرادتنا في تغيير الأشياء تغييرا يحدد بالضبط وظيفتنا الاجتماعية(19)، فالتاريخ في حقيقة أمره ما هو إلا تجسيد لإرادة الإنسان وسلوكه، إنه قائمة إحصائية لنبضات القلب وحركات اليد ومواهب العقل(20).
فمالك رحمه الله وضع الأزمة التي تعيشها الأمة الإسلامية في إطارها الفكري والمنهجي الصحيح، عندما نبه إلى ضرورة النظر إليها على أنها ليست سلسلة من الأحداث يعطينا التاريخ قصتها، بل على كونها ظاهرة يرشدنا التحليل إلى جوهرها، وربما يهدينا إلى قانونها وسنة الله فيها(21) من خلال تعميق النظر في ظاهرة الأزمة، كيف تحدث؟ وما هي القوانين التي تحكم سيرها(22)؟ فقد حاول رحمه الله في دراساته كلها تأصيل التفكير الاستشكالي الذي يتمحور حول ثلاثة أسئلة كبرى هي:
– كيف قامت حضارتنا الإسلامية؟
– وكيف انهارت؟
– وكيف نعيد بناءها؟(23) .
هذا التفكير يقوم على أساس النظر إلى الأبعاد التاريخية التي تمكننا من استيعاب تلك الأسئلة الثلاثة.
حيث يكون البعد الأول متعلقا بالبعد نفسي، وفيه تكون دراسة التاريخ دراسة للإنسان من حيث كونه عاملا نفسيا زمنيا في بناء الحضارة(24).
أما البعد الثاني، فهو البعد الاجتماعي عندما ينظر إلى الحضارة أنها مظهر من مظاهر الحياة والفكر الجماعي، ومنها يكون التاريخ دراسة لشرائط نمو مجتمع معين، لا يقوم نموه على خصائص الجنس أو عوامل السياسة بقدر ما يخضع لخصائصه الأخلاقية والجمالية والصناعية المتوفرة في دفة تلك الحضارة(25).
أما البعد الثالث فهو البعد الكوني أو الميتافيزيقي، عندما نرى أن تطور المجتمع مشروط ببعض الصلات الضرورية مع بقية المجموعة الإنسانية، أي عندما ننظر أن هناك أسبابا خارج محيط المجتمع غير منظورة دخلت في تكوين الحدث التاريخي(26).
فللتاريخ مغزى ومسار تصاعدي حلزوني ولهذا المغزى قوانينه الخفية التي تحافظ على دوامه، وتحافظ على مسار التاريخ باتجاهه، وهذا ما يسميه بن نبي الجانب الميتافيزيقي وأحيانا الجانب الكوني(27)
وتأتي أهمية العناية بفقه الاستيعاب عند مالك بن نبي:
– من كونه أولا: المحاولة العلمية الجادة في مجال المراجعة والتقويم لمسيرة الحضارة، فقد وفق رحمه الله في تقديم مراجعة هامة، وتقويم موضوعي جرئ لحركة الحضارة الإسلامية، لم تنل من مصداقيته السنون الطوال، بل زادت الكثير من آرائه وأطروحاته تأكدا وبروزا، ولفتت أنظار المهتمين بمستقبل الأمة(28).
– ومن كونه ثانيا: وفق في رسم الإطار الصحيح لقضية صناعة الحضارة، وتحديد كثير من شروطها.
– ومن كونه ثالثا: التصور الجدلي السليم لتفاعل الفكرة الدينية والعقل والواقع.

المبحث الثالث
مالك بن نبي وفِقْـــه التجــديــد

طرح مالك بن نبي مشكلة الأمة في هذا السياق، عندما أكد بأن مشكلة الإنسان عموما هي مشكلة الحضارة(29)، وأي تفكير في حل أزمات الإنسان لا يستوعب هذه الحقيقة فحضوره على مسرح التاريخ كالمعدوم، فلا هي مشكلة سياسية بالأساس، ولا هي عقدية أو أخلاقية، وإنما حضارية تشمل كل هذه العناصر، ووضح فيلسوفنا ذلك بمعادلة ثلاثية الأبعاد؛ تستوجب حل ثلاث مشكلات رئيسية:
– مشكلة الإنسان وتحديد الشروط لانسجامه مع سير التاريخ.
– مشكلة التراب وشروط استغلاله في العملية الاجتماعية.
– مشكلة الوقت وبث معناه في روح المجتمع ونفسية الفرد(30).
لكنه ربط ذلك بعمل منهجي مستقبلي وهو التخطيط، وبفكرة مستقبلية وهي عالمية الطرح.
1- أما التخطيط: فله دور كبير في العالم الحديث حسب تعبيره، لأنه يؤثر في الأوضاع النفسية والاجتماعية معا، إذ إنه يشخص الغايات قبل تحقيقها، فيزرع بذلك الأمل في النفوس الطامحة، ويبث فيها روح التضحية والعمل(31)، من خلال عناصر رأى فيها مالك بن نبي الخطوات الرئيسية للتخطيط وهي:
– دراسة الحالة : إذا كانت الخطة في حد ذاتها مشروعا عمليا يهدف إلى التأثير الإيجابي في واقع معين قصد فهمه و تغييره، للوصول إلى تصور لواقع مقبل أكثر رقيا و ازدهارا، فإن من شروط ضمان هذا التأثير وذلك التصور، المعرفة الدقيقة والشاملة بهذا الواقع الراهن، إذ لا نستطيع أن نغيِّر واقعا نجهله، فيجب علينا أن نتحرك باستمرار ونحن مصحوبين بخريطة دقيقة للأوضاع النفسية والفكرية والاجتماعية للأفراد والجماعات الإنسانية، تسمح لنا بالتنبؤ بما سيحدث في المستقبل زمانا ومكانا وكيفية(32).
– تحديد الهدف: لا شك أن الفقه السليم للواقع يساعدنا على ضبط عدة قضايا في المشروع العملي نسجلها كالآتي:
 العناصر العامة و التفصيلية المكونة لذلك الواقع.
 عوامل التأثير فيه سلبا و إيجابا.
 عوامل الضعف أو القوة فيه.
 أسباب المرض و تنبؤ العلاج الممكن(33).
– اختيار الوسائل وأدوات التنفيذ: عندما نستطيع تحديد ما نريد يمكن لنا أن نحدد كيف نحقق ما نريد، فمشكلة الوسائل أو الأدوات مرتبطة أساسا بالأهداف والغايات في فكر مالك بن نبي، فهذه الأخيرة هي التي تحدد الطريق إليها أو على الأقل تحدد المعالم الأولية لذلك، فلو استسلم الطب لحكم القدامى فقط، لما وجد باستور علاجا لداء الكلب، لأن هذا الطريق المبتكر كان في اتجاه يخالف تماما حكمة النقيض، إذ نرى باستور يعالج الداء بالداء نفسه، فيجب إذن أن نحترز قدر الإمكان في معالجة المشكلات الاجتماعية، من الطريقة أو الوسيلة المختارة(34).
2- أما العالمية : فليس المراد من هذه الفكرة اجتماع شعوب العالم على مصدر روحي أو أيديولوجي واحد تقوم على أساسه حضارة تجمع العالم بأسره، إنما المراد قيام حضارات متعددة تجتمع على مبدأ موحد يحقق لها جميعا الاستجابة لتحدي وحدة المصير الذي يتجه إليه التاريخ، حيث تستدعي هذه الفكرة النظر إلى عنصر هام من عناصر الثقافة وهو الأخلاقيات من حيث كونها العنصر الجامع للحضارات، فليست هي دعوة مجردة، وإنما هي ضرورة تاريخية، يحتمها الاتجاه الذي يسلكه التاريخ المعاصر ببعديه الثقافي السياسي، والثقافي الحضاري(35).
ففي الحقيقة الأولى تجتمع الإنسانية في البحث عن السبل التي تجنبها حربا عالمية ثالثة، وفي الثانية أن الثقافات تواجه حقيقة تاريخية واحدة صنعتها وسائل الاتصال، فلا يمكن لأي ثقافة أن تعيش في معزل عن الثقافات الأخرى، والمعنى التاريخي لهذه الضرورة هو أن العالم منقسم إلى محورين؛ المحور الأول هو النصف الشمالي من المعمورة، والمحور الثاني يمثل النصف الجنوبي من المعمورة، ولكل منهما خصائص؛ فالأول يمثل مظهر القوة والتمدن، والمحور الثاني يمثل الركود والتخلف، وليس هذا ثابتا طول التاريخ، وإنما هو متحرك في عملية تبادلية سجالية، أو حوار دائم عبر التاريخ(36)، حيث تقدم لنا هذه الظاهرة أساسا لفكرة العالمية أو وحدة التاريخ؛ إذ تكشف لنا عن صورة للتاريخ وكأنه حوار مستمر بين المحورين.
فكيف تتوجه لغة التاريخ لتملي على المحورين ضرورة التلاقي عند وجهة واحدة توحد الإنسانية؟
هناك ثلاث ظواهر تقود التاريخ بهذا الاتجاه:
الأولى: حركات التحرر من الاستعمار على محور الجنوب والتي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك لإعادة تركيب العالم على أسس منزهة من القابلية للاستعمار(37)،
أما الثانية: فتتمثل في مشروع التضامن الإفريقي الآسيوي الذي عبر عنه في مؤتمر باندونغ سنة 1953م، وهذا كنقطة أولية للحد من ظاهرة البناء المزدوج؛ أي من الاستعمار والقابلية للاستعمار، وإذا سار هذا المشروع تختفي العلاقات القائمة اليوم، بين سيد ومسود، بين قوي وضعيف، بين متحضر دون مستوى الإنسانية الأخلاقي، ومتخلف دون مستوى الحضارة الاجتماعي، فكل تغيير اجتماعي في الجنوب يفرض تغيرا أخلاقيا وسياسيا على الشمال(38).
فإذا سار المحور الجنوبي على هذين العنصرين، فإنه سيحد من الظاهرة الثالثة التي تتحرك على محور الشمال؛ ظاهرة الاستعمار، فيجعله يتحرك باتجاه التقليل من القوة تحاشيا لوقوع حرب عالمية ثالثة، وهذا التغيير في سياسة القوة يمس في الوقت نفسه النظام الأخلاقي(39)، حيث يلتقي المحوران ويتحاوران حوارا فكريا بناءً.
وهكذا تجد وحدة العالم قاعدتها الفكرية في هذه النقطة التي لا تدع للإنسانية أدنى قسط من الاختيار حين تفرض عليها فكرة التعايش(40)، لقد رأى مالك بن نبي في فكرة الأفريقية الأسيوية، ما يؤهلها لذلك الدور، شريطة أن تبحث عن روحها الأخلاقية في مجموع القيم الروحية والتاريخية التي تقرها الشعوب الأفروآسيوية، كنوع من التراث يشبه التراث الذي قدمته الإنسانيات الإغريقية اللاتينية إلى الغرب فوجد فيه دليل الطريق(41).
فالإسلام والهندوسية يشكلان من ناحية، الرصيد الروحي الضروري لقيام حضارة، ومن ناحية أخرى، فإنهما يوجهان هذه الحضارة صوب السلام العالمي والتعايش ونبذ العنف، وهكذا تكون فكرة الأفريقية الأسيوية مرحلة من مراحل العالمية، تحتل بالنسبة للأهداف الإنسانية في مجموعها ضرورة القرن حين تتيح للسلام الذي تهدف إليه الإنسانية فرصا جديدة من خلال مواردها الروحية(42).
كل هذا الكلام عن التخطيط وعالمية الطرح لا يقصد منه الاكتفاء بالتنظير والتحليق بعيدا عن جدلية الفكرة الدينية والواقع والعقل؛ إذ على المسلم التقيد بمنظومته الأخلاقية المعتمدة أساسا على المنطق العملي الذي يُقصد به استخراج ما يمكن من الفائدة من الوسائل المتاحة(43)، في ميدان العمل وليس في ميدان المنطق النظري، وهذا يعني كيفية ربط العمل بغاياته ووسائله(44)، مهما كانت بسيطة، لأن التاريخ يبدأ من مرحلة الواجبات المتواضعة الخاصة بكل يوم، وبكل ساعة، وبكل دقيقة، لا في معناها المعقد، كما يعقِّده عن قصد أولئك الذين يعطلون الجهود بكلمات جوفاء وشعارات كاذبة يعطِّلون بها التاريخ بدعوى أنهم ينتظرون الساعات الخطيرة على حد تعبير مالك بن نبي(45)، وهي نظرة صائبة إلى أقصى الحدود نجد مؤيداتها من تاريخ الاجتهاد الذي أُغلق بابه يوم ابتعد المسلمون عن العمل، وعن أداء الواجبات، وفي الحقيقة ليس هناك باب للاجتهاد ليغلق ولكن تم غلق الفهوم وفُتح باب التقليد.
هذا الأمر نبَّه إليه رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه الشريفة فهو يقول: « لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس :عن عُمْره فيم أفناه و عن شبابه فيم أبلاه ، وماله من أيـن اكتسبـه و فيم أنفقه و ماذا عَمِل فيما عَلِم »(46)، منبِّها إلى هذه العناصر الحضارية في حياتنا وفي أعمالنا، لكن إذا نظرنا إلى ألفاظ الحديث وجدنا أن لفظة “ابن آدم” لفظ “عام” بالمعنى الأصولي يشمل المسلمين وغير المسلمين، لذلك فهو يستغرق بالخطاب الاثنين معا.
لذلك فإنه ممَّا ينبغي على المنظومة الأخلاقية الإسلامية الهيمنة عليه في نظر مالك بن نبي هو:
– سلوكيات واقعها الإسلامي.
– سلوكيات الواقع العالمي.
والدور الأول ملقى على عاتق المسلم الذي هو مُلزم بأن ينظر إلى الأمور من زاويتها الإنسانية، حتى يدرك دوره الخاص في مجتمعه، ودوره في الإطار العالمي.
فإذا نظرنا إلى واقعنا الإسلامي وجدنا أنه يعاني من اللافعالية، إذ يذهب قسم كبير من أعمالنا في العبث والمحاولات الهائلة، بسبب افتقادنا الضابط الذي يربط في حركتنا: بين عمل وهدفه، وبين سياسة ووسائلها، وبين فكرة وتحقيقها(47)، فإذا عالج المسلم هذا الأمر وحاول تجسيد المنطق العملي في واقعنا السلوكي، فإنه من بين الحلول أو المعالجات التي تلوح في الأفق التربية المخططة بمراحلها، وكذا منهج الإقناع بهذا المنطق العملي لجميع فئات المجتمع الإسلامي، وأيضا دراسة بدائل المستقبل من خلال مشاهد سلوكية، أو تحليل لأزمات سلوكية، أو توقعات محتملة لها انطلاقا من دراسة تطورات الأوضاع الحاضرة، وهذا للتمكن من إجلاء الفعل والعمل اللازمان والحركة الواجبة، استعدادا لمواجهة هذا القابل المتأزم سلوكيا، لاحتوائه أو التخفيف من حدِّته مرحليا، ورحم الله الفاروق عندما قال قولته المشهورة:« الرعيِّة مؤدية إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، فإذا رتع الإمام رتعوا»(48) .
أما إذا اتجهنا إلى الواقع العالمي وعرفنا المآزق السلوكية التي يعانيها، أمكن القول أن هَيْبَة الأمة الإسلامية قد تكفُلها لها أحيانا منظومتها السلوكية، إذا ما تناغمت هذه المنظومة السلوكية بمنطقها العملي مع المرحلة التي تجتازها الإنسانية، أو التي ستجتازها في المستقبل إذا تم طرح هذه المنظومة السلوكية بمنطق عملي منهجي يُوضَح فيه:
 مرجعية هذه المنظومة، والأطر التي تشكلها.
 آفاق هذه المنظومة السلوكية كما حددها الوحي، وكما جسَّدها وبيّنها ودعا إليها رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم؛ ومثال على ذلك عالمية الخطاب الإسلامي ودعوته للتدامج بين كافة الشعوب، حيث قال تعالى: (يَـأَ يُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـكُمْ مِّن ذَكَرٍ وَأُنـثَى وَجَعَلْنَـكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَـكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )(49) ، وكذا التفتيت الطبقي، وانعدام النظام الإقطاعي، الذي كوَّنته التشريعات الإسلامية – منع الربا، الميراث، الزكاة،…الخ- واجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في دفع هذه العالمية الخطابية وهذه القيم السلوكية العملية إلى آفاقها المرجوة من خلال فعله، وقوله، وتقريره صلى الله عليه وسلم.
والذي يبدو أن العالم أجمع يبحث اليوم عن سلوكيات جديدة لوضعه الراهن، والذي لا شك فيه أن المسلم سيجد نفسه حيال هذا الأمر أمام إحدى مهماته العملية، التي تتطلب منه قسطا أوفر من الصفات السلوكية، والسير في معالجة هذا الأمر يتطلب دراسة مرضية وأخرى علاجية، فإذا كانت الدراسة الأولى سهلة فإنه من الصعب تحديد الأخرى، لأن العلاج يتوقف نجاحه بدرجة أكبر على المريض نفسه(50)، وهو المجتمع الإنساني، فإذا ما أراد المسلم هيمنة منظومته السلوكية فإنّ عليه أولا طرحها بمنطق عملي منهجي، ثم المساهمة في تدريب المجتمع الإنساني عليها، وهما مهمتان مترابطتان ونتائجهما الاجتماعية والنفسية متلازمة.
ستَحمل هذه الدعوة البنابية – نسبة لمالك بن نبي- للاستيعاب، وتلك المهمة للتجديد، وعيا حضاريا يرقى على كل المظاهر الحضارية الراهنة في علاقات الإنسان بالمواضيع الكونية.
فما في العالم كله اليوم من منجزات حضارية، ليس سوى مقدمة لما سيأتي به الله على يد الحضارة الإسلامية الجديدة، التي تُولِّد إنسانا لا ينظر إلى الماضي، ولكن يتطلع إلى المستقبل بمقومات جديدة ورؤى جديدة، وضمن منهجية كونية شاملة يجمع فيها بين القراءة بالله والقراءة بالقلم، وينفتح بكل قواه الإبداعية على حركة الحياة.
وِلادة هذا الإنسان -إنسان الحضارة الإسلامية الجديدة- لا تأتي محكومة بمنهجيـة الصراع والأفق الضيِّق الذي يختزل الإنسان ما بين حدي الميلاد والموت، وإنما تأتي محكومة بمقاصـد الحـق والسلام، بمقاصد العدل والمساواة والحرية، بمقاصد التوحيد والتزكية والعمران، وبمقاصـد العهـد والأمانة والابتلاء والتسخير والاستخلاف، هذه المقاصد تجعل من ولادة هذا الإنسان ولادة متَّسعة الأبعاد، ولادة قوية كقوة الكتاب نفسه، فهو ليس مجرد تحدٍّ إسلاميٍّ، وإنما هو بعث عالمي سيظهره الله على العالم كله، وتفجير لكافة الإمكانيات المتهيئة في عقل هذه الأمة عبر تفاعله مع الفكرة الدينية والواقع.

الهوامش:
ـــــ
1- ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، دار الجيل، بيروت، ط1، 1411هـ-1991م، 1/114-115-116، مادة أفق
2- ابن منظور: لسان العرب، دار إحياء التراث العربي، (د.ت.ط)، 10/5، مادة أفق، بتصرف.
3- سورة فصلت، الآية 53
4- ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ت/عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، الدوحة، ط1، 1406هـ- 1985م ، 13/135.
5- وهبة الزحيلي: التفسير المنير، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1، 1411هـ- 1991م، 15/25-26 .
6- ابن منظور: لسان العرب، 10/6، بتصرف.
7- ينظر: الجابري: آفاق المستقبل العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1992م، عدد 156، ص 6.
8- ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، 5/51.
9- ابن منظور: لسان العرب، 11/536-545، بتصرف.
10- ينظر: خالد حاجي: مستقبل الإنسان بين الغيبوبة الثقافية و مخطط الانتحار الحضاري، مجلة الكلمة، مؤسسة الفلاح للنشر و التوزيع، 1421هـ- 2000م، عدد 28، ص 126.
11- الاستشراف لغة:قال صاحب اللسان « و تَشَرَفَّ الشيء و استشرفَه: وضع يده على حاجبه كالذي يستظلُّ من الشمس حتى يبصره و يستبينه… والاستشراف: أن تضع يدك على حاجبك و تنظر، و أصله من الشرف العلوّ كأنه ينظر إليه من موضع مرتفع فيكون أكثر لادراكه، ينظر: ابن منظور: لسان العرب، 9/171-172.
12- مالك بن نبي : تأملات، دار الفكر، دمشق، ط1423هـ-2002م، ص 130.
13- ابن منظور: لسان العرب، 4/196-197.
14- سورة البقرة، الآية 143
15- مالك بن نبي : شروط النهضة، تر: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق، ط1406هـ-1986م، ص 44 وما بعدها.
16 – مالك بن نبي : القضايا الكبرى، دار الفكر، الجزائر، ط1، 1412هـ-1991م، ص 43.
17- مالك بن نبي : الأفريقية والآسيوية، تر: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق، ط3، 1422هـ-2001م،ص 125 وما بعدها.
18- مالك بن نبي : تأملات، ص 130.
19- المصدر نفسه.
20 المصدر نفسه، ص 39.
21- مالك بن نبي : شروط النهضة، ص 92.
22- مالك بن نبي : ميلاد مجتمع، شبكة العلاقات الاجتماعية، تر: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق،ط1405هـ-1985م، ص 69.
23- مالك بن نبي : القضايا الكبرى، ص 54 وما بعدها.
24- مالك بن نبي : وجهة العالم الإسلامي، تر: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق، ط 1423هـ-2002م،ص 25.
25- مالك بن نبي : القضايا الكبرى، ص 67.
26- مالك بن نبي : وجهة العالم الإسلامي، ص 25.
27- المصدر نفسه.
28- محمد المبارك: مقدمة كتاب وجهة العالم الإسلامي، ص 10.
29- مالك بن نبي : فكرة الإفريقية الأسيوية، ص 77.
30¬- مالك بن نبي : تأملات، ص 201.
31- المصدر نفسه، ص 180.
32- المصدر نفسه ، ص 180 وما بعدها.
33- مالك بن نبي : تأملات، ص 180 وما بعدها، بن نبي: فكرة الأفريقية، ص 254 وما بعدها، بن نبي: شروط النهضة، ص22 وما بعدها
34- مالك بن نبي : تأملات، ص 193.
35- مالك بن نبي : فكرة الإفريقية الأسيوية، ص 199 وما بعدها.
36- المصدر نفسه، ص 143.
37- مالك بن نبي : فكرة الإفريقية الأسيوية ، ص 59.
38- مالك بن نبي : تأملات، ص 119.
39- المصدر نفسه.
40- مالك بن نبي : فكرة الإفريقية الأسيوية، ص 181.
41- المصدر نفسه، ص 190 وما بعدها.
42- المصدر نفسه، ص 246.
43- مالك بن نبي: مشكلة الثقافة، تر: عبد الصبور شاهين، دار الفكر، دمشق، ط1420هـ-2000م، ص 85.
44- المصدر نفسه.
45- مالك بن نبي: في مهب المعركة، دار الفكر، دمشق، (د.ت.ط)، ص 78 بتصرف.
46- الترمذي: السنن،كتاب صفة القيامة و الرقائق و الورع ،باب في القيامة ،حديث رقم 2416، 4/529 .
47- مالك بن نبي: في مهب المعركة، ص 146.
48- ابن سعد محمد بن منيع الزهري: الطبقات الكبرى، دار صادر، بيروت، ط 1405هـ- 1985م، 3/292.
49- سورة الحجرات، الآية 13
50- مالك بن نبي : مشكلة الثقافة، ص 125.

الملتقى الدولي: مالك بن نبي و استشراف المستقبل
من شروط النهضة إلى شروط الميلاد الجديد
في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية
تلمسان 12 ـ 13 ـ 14 ديسمبر 2011 م
17 ـ 18 ـ 19 محرم 1433 ه

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.