مالك بن نبي جسر التوازن بين المشرق والمغرب، وبين التراث والحداثة

عدد القراءات :3056

يعد البروفسور محمد السعيد مولاي واحدا من التلاميذ الكبار للأستاذ المفكر مالك بن نبي رحمه الله، وقد أتيحت له فرصة معايشة ندوات مالك بن نبي ومجالسه منذ 1968 في بيته بشارع ديدوش مراد، ونهل من معينه الرقراق المتدفق بسننية ابن خلدون وعرفانية الغزالي وعلمية ديكارت، يرى بأن معالجة الأستاذ مالك لمشكلات الحضارة هي محاولة أصيلة في نوعها وعلمية في صياغتها، والأهم من ذلك أنها تصل ما فصله الفكر الغربي الحديث ما بين الدين والدولة وما بين الدين والعلم. في هذا الحوار الشيق نعيش بعض النفحات التي تجمع بين الإشراق الروحي والتعقل العلمي ونحن نتبادل مع البروفسور مولاي السعيد ذكريات مع مالك بن نبي.

كيف تم اكتشافكم لمالك بن نبي؟ متى؟ و أين؟
اكتشفت مالك بن نبي رحمه الله بالجزائر العاصمة سنة 1968. والسبب في ذلك أني كنت طالبا بثانوية عمارة رشيد (ابن عكنون) التي كانت تحظى بتدريس مواد الحضارة الغربية إلى جانب مواد الحضارة الإسلامية وكانت تسمى أيضا بالثانوية الإفرنجية – الإسلامية (Lycée Franco-Musulman)، على غرار ثانوية رضا حوحو بقسنطينة وثانوية تلمسان آنذاك.
وعلى إثر هذا التكوين المزدوج كنت أشعر با نفصام في نفسي بين طرفين تتجاذبهما الثقافتان: الغربية والإسلامية. لذا كان دأبي وديدني في البحث عن التوازن والانسجام بين الحداثة المتمثلة في العلوم ا لغربية آنذاك والأصالة المتمثلة في العلوم الإسلامية.
ولما انتهيت من المرحلة الثانوية بحيازتي على شهادة الباكالوريا (الجزائرية والفرنسية) في شهر جوان 1968، وقد كانت هذه السنة سنة احتجاجات كبيرة في فرنسا تعرف “بأحداث ماي 68 “، فعندئذ ازددت حيرة واضطرابا، من بعد ما سمعت عن تضارب الأفكار والمعتقدات في الأوساط الجامعية وأن فيها ما يغري ويغوي فخشيت على نفسي وديني.
وكان افتتاح السنة الجامعية في شهر سبتمبر من تلك السنة، فدخلت مع الطلبة مدرجات كلية العلوم، وإذا بالأجواء تتغير والأهواء تتشعب، وترى وتسمع ما لم تتجرأ الخواطر من ذي قبل بتصوره. فهذا لا يؤمن بدين ولا ملة وإن عارضته طالبك بالدليل والحجة، وهذا يدعوك إلى الانخراط في صفوف الماركسية العالمية والاشتراكية العلمية للنضال من أجل حقوق الطلبة وسعادة البشرية، فإن قلت لا رموك بالرجعية والتخلف، وهذا يناديك إلى حضور احتفال مع الطلبة والطالبات فإن قلت لا فلست متحضرا ولا متقدما…..
وكان من توفيق الله لي أن تصادف في تلك السنة دخولي إلى الجامعة المركزية مع افتتاح مسجد الطلبة بتوصية من مالك بن نبي رحمه الله، وذلك في أواخر نفس السنة. وفي هذا المسجد تعرفت إلى رشيد بن عيسى الذي أخذ بيدي لحضور ندوة مالك بن نبي في بيته الكائن في أعالي شارع ديدوش مراد. هنالك تعرفت إلى الأستاذ مالك بن نبي لأول مرة والتزمت بحضور ندواته الأسبوعية، فوجدت في محاضراته ما يشفي غليلي في ذاك الانفصام الذي شق وجداني بين العصرنة والأصالة وخاصة في كتابه “الظاهرة القرآنية” الذي كتبه خصيصا لشباب المسلمين الذين يبحثون عن التوازن بين ثقافتهم الإسلامية وتكوينهم المعاصر.

ماذا يسترعي اهتمامكم في مالك بن نبي؟ حياته؟ فكره؟ تجربته؟….

أكثر اهتماماتي بمالك بن نبي تنصب في أفكاره، فهي في نظري من الأهمية بمكان لإدراك المفاهيم الحديثة، المتضاربة منها والمتشعبة، كما أنها بمثابة منهجية سليمة لتحليل مختلف التيارات الفكرية والثقافية والحضارية المعاصرة على وجه الخصوص.

ما هي في نظركم مميزات مالك بن نبي عن غيره من المفكرين المسلمين قديما وحديثا؟
على العموم يعتبر مالك بن نبي من أوائل المحدثين في معالجة مشكلات الحضارة بمنهجية علمية دقيقة، وهو على وجه الخصوص أول المفكرين المسلمين ممن غاصوا حديثا في أعماق الحضارتين الغربية والإسلامية، بحثا عن أسباب التخلف وشرو ط النهضة من جهة ومقارنة بين المفاهيم الغربية والإسلامية كالديمقراطية والإسلام والأصالة والعصرنة،…، من جهة أخرى.
ومن مميزاته أيضا: التحليل الدقيق والملاحظة الشديدة وعمق النظر واتساع في الاطلاع، فهو إن صح التعبير موسوعة خلدونية وعقلانية ديكارتية.

كيف ترون معالجة مالك بن نبي لمشكلات الحضارة (الثقافة ـ شروط النهضة ـ الدورة الحضارية…)؟
معالجته لمشكلات الحضارة تحليلية علمية، حاول من خلالها اكتشاف العناصر الأولية التى تنبني عليها كل حضارة وثقافة، كما يفعل علماء الفيزياء والطبيعة في بحثهم عن العناصر البسيطة التي تتركب منها المادة أو تتألف منها الظواهر الطبيعية، ومن ثم يسهل فهم التراكيب المعقدة وربط الفروع بالفصول.
كمثل الدورة الحضارية: يراها مالك بن نبي مطابقة للدورة الدموية التي تكتمل بين دقتي الانقباض والاسترخاء. ففي المرحلة الأولى من هذه الدورة تنبعث الحياة في جميع الخلايا من خلال تدفق الدماء في الشرايين حاملة معها أسباب الانتعاش والمعاش، وفي المرحلة المعاكسة تعود تلك الدماء مثقلة بالفضلات والغازات، وكذلك الحضارة تنبعث من منطلقها زاهرة صاعدة حتى تبلغ أوجها ثم تتراخى وتهوي تحت أثقالها وأوزارها إلى غاية أفولها.
أو كمثل تحليله لعناصر الحضارة إلى ثلاثة أجزاء أولية: الإنسان والتراب والزمان، على غرار العناصر البسيطة للمادة كما هي مبينة في جدول مندلييف. وكثيرا ما كان الأستاذ مالك يضرب لذلك مثل المصباح الكهربائي: فهو منتوج حضاري تسبب فيه عامل الإنسان بعقله وعامل التراب بمكوناته وعامل الزمان بوجوده. فلا يمكن حذف إحدى هذه العوامل في التركيب الحضاري، كما أن كل إضافة لهذه العوامل تعود بالتحليل إلى نفس العناصر.
والجدير بالذكر أيضا أن معالجة الأستاذ مالك لمشكلات الحضارة هي كما أسلفنا أصيلة في نوعها وعلمية في صياغتها، والأهم من ذلك أنها تصل ما فصله الفكرالغربي الحديث ما بين الدين والدولة وما بين الدين والعلم كما هو سائد الآن.
فعلى سبيل المثال ترى الأستاذ مالك يقدر دراسات المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد تويينبي (A. Toynbee) ويزيد عنها. فهذا الأخير قد أثبت من خلال كتابه “Study of History” في 12 مجلدا، أن تاريخ الأمم عبارة عن سلسلة متتابعة من الحضارات والمجموعات الثقافية وليس بوحدات وطنية أو كتلات سياسية. لذا انكب تويينبي على دراسة نشأة الحضارات وأسباب نموها وازدهارها كما تطرق إلى عوامل اضمحلالها وأفولها. وقد أثبت من خلال ذلك أن كل حضارة تبدأ بمواجهة تحد (défi) ما، فإن قُدِِِر على رفعه انتقل الإنسان من السكون والجماد إلى الحركية والاندفاع وذلك طبقا لسنة شاملة في الكون تتمثل في دورية السكون والحركة (pause – mouvement) أو الستاتيكا والدينميكا (statique – dynamique). والإضافة الجوهرية والأصيلة لمالك تكمن هنا في اعتقاده بأن رفع مثل هذه التحديات لا يكون إلا بطاقة دافعة ألا وهي الروح الدينية والعقيدة الجياشة، كما يعتبر التفعيل الديني للحضارة بمثابة المفاعل الكيماوي (ctalyseur) الذي تتراكب بمقتضاه ذرات الأكسيجين والهيدروجين لتكوين الماء.

ما هي الأقكار الأساسية التي ينبغي التركيز عليها في فكر مالك بن نبي؟
من الأفكار الأساسية لمالك بن نبي:
الفكرة الدينية في انفجار الحضارة
الانقباض والاسترخاء في الدورة الحضارية ومراحل التطور الحضاري
الفعالية (efficacité) )والمصداقية authenticité) )
المنهج التغييري: ضرورة التغيير النفسي قبل كل شيء طبقا لقوله عز وجل {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
القابلية للاستعمار وعلاقتها بالحديث النبوي: “هي أعمالكم تدل عليكم، كيف ما كنتم يولى عليكم”
عالم الأشياء أو الشيئية وعالم الأفكار
الذرية (atomisme) وحادثة صفين
الوعد السفلي (promesse mineure) والوعد العلوي (promesse majeure)
التحليل الدقيق في المسائل
المنطق العقلاني (Logique Rationnelle) والمنطق العلوي أو اللدني (Logique transcendantale)

إلى أي حد يمكن اعتبار مالك بن نبي مدرسة فكرية معاصرة في الثقافة الإسلامية؟
مالك مدرسة فكرية لأسباب كثيرة منها:
فكره يجمع بين العلوم التقليدية والعلوم المعاصرة، والمسلم الحديث سواء كان ملما بعلوم الشريعة أو علوم الطبيعة، بحاجة إلى مثل هذا التفكير المتوازن والشامل.
منهجه العلمي في تحليل القضايا المعقدة يشمل مجال العلوم الإنسانية وعلوم الطبيعة، وهو من الأهمية بمكان، و ينبغي ترسيخه في الأجيال الصاعدة.
لنا في دراسة الحضارة الغربية بمنظار قرآني والنظر في التراث الإسلامي بعقلانية كارتيزيانة: سد كبير لفجوة في المناهج السابقة لمالك. فكثيرا ما تأخذنا في مثل هذه المناهج عاطفة جياشة وغزارة عرفانية على حساب العقلانية الجادة والديكارتية الحادة، وكثيرا ما تطغى من ناحية أخرى العقلانية الجافة على البصائر القرآنية، فالتوازن أولى وأحرى والوسطية خير الأمور كلها.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى البحوث القيمة لأحد الدارسين للاتجاهات الفكرية على مستوى الأمة العربية والإسلامية: وهو المغربي محمد عابد الجابري الذي وصف الاتجاهات الفكرية المغاربية بالعقلانية مقابل غلبة التوجهات العرفانية في المشرق. وذلك ما يجعل كثيرا من “المستغربين” إن صح التعبير لا يرتاحون إلى “المستشرقين” والعكس بالعكس، فانبلجت فجوة فكرية ثقافية بين شرائح عديدة من المجتمعات العربية والإسلامية، وغالبا ما تتلخص في عبارات “المعرب” و “التراثي” من ناحية و”العصراني” و”الفرنكوفيلي أو الإنجلوفيلي” من ناحية أخرى، وذلك ضرب من جدال التراث والحداثة الذى وضع بينهما الأستاذ بن نبي جسر التوازن والانسجام.
زد على ذلك كما يذكر الشيخ الداعية محمد الغنوشي أن حركة الأفكار بين المشرق والمغرب تبدو ذات اتجاه واحد وغالبا ما تكون من المشرق إلى المغرب. وقد ساهم الأستاذ مالك إلى حد كبير في وضع الاتجاه الثاني وتعزيزه، من خلال ندواته ومؤلفاته في المشرق، غير أن مشروعه لم يكتمل ولعله كان يأمل في ما ترك من نواة طيبة شرقا وغربا أن تصل الحلقات وتكمل الاتجاهات.

هل ترون تهميشا أو إهمالا لفكر مالك بن نبي في الساحتين: الحركية الإسلامية و الثقافية العامة، و ما هي في نظركم أسباب ذلك؟

هناك جهود كثيرة بذلت في التعريف بفكر الأستاذ مالك: من نشر لكتبه، وإقامة ندوات علمية حول تراثه (قسنطينة، الجزائر وغيرها)، كما أن ثلة من تلاميذه وكثيرا من الباحثين المعاصرين (في الجزائر وفرنسا وسوريا والسعودية وماليزيا وغيرها) قد ساهموا بقدر كبير في نشر فكره وتوسيعه من خلال أطروحات أكاديمية (ماجستير ودكتوراه). غير أن ذلك لا يكفي للتعريف بفكره وتطويره.
ولعل من أكبر الأسباب في وجود نوع من الإهمال أو التهميش لفكر مالك بن نبي ما يعود منها إلى انعدام المؤسسات الثقافية والعلمية التي تتكفل بدراسة تراث الأستاذ مالك على أحسن وجه، والتي تتضمن أجهزة عصرية مناسبة. لكن هذا لم يمنع كثيرا من النخب في توفير ما استطاعوا إليه من إمكانيات مادية ومعنوية لتأسيس هيئات أغلبها متواضعة حتى يتمكنوا بواسطتها من نشر وبث تراث الأستاذ مالك. هذا على مستوى الحركة الإسلامية.
أما على المستوى العام فقد وقفت عقبات عدة في طريق انتشار فكر مالك بن نبي، في حياته وبعد مماته. أذكر على سبيل المثال أن المرحوم كان يشكو من رفض الإدارة تجهيز بيته بالهاتف حتى يمنع من الاتصال ويعزل، وكان يدرك أن “مخابر الأفكار” في الأوساط المعادية، شمالا أو جنوبا، كانت تدرس تحاليله وتمنع انتشارها متى استطاعت إلى ذلك سبيلا. أما الآن فحدث ولا حرج من بعد ما ألصق مفهوم الإرهاب بالإسلام والمفكرين الإسلاميين، خاصة منهم الأستاذ مالك بن نبي الذي يعتبر عند خصومه بالمنظر الأساسي لنخبة معينة في الجزائر وغيرها.

يجد (بعض المثقفين) صعوبة في فهم فكر مالك بن نبي و الاستفادة منه، مادا تقترحون على المستوى البيداغوجي لتحقيق قراءة معمقة و مستوعبة لفكره؟
هناك للأسف من تنقصه كما أسلفنا دراية معمقة بالحضارة الغربية- ولا عيب في ذلك لمن لم يجد إليها سبيلا- وأغلب فكر الأستاذ مالك متشبع بها ومتوجه في أغلبه إلى تابعي تلك الحضارة أو إلى من لبسوا لباسها، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، من أبناء الأمة العربية الإسلامية. ويبدو لي أن الفئة التى ليس لها أي إلمام بتلك الحضارة، ثقافة ومنهاجا وتاريخا، قد تجد نوعا من الصعوبة في متابعة الأستاذ مالك. فالآن قد بلغت الحضارة الغربية ما بلغته الحضارة الإسلامية في الأندلس، والأيام دول وللحضارات دورات، وكما اعتنى الغرب باستيعاب وتطوير ما بلغه المشرق بالأمس فكذلك اليوم يصح العكس.
وهناك أيضا من لا يتفق مزاجه مع العقلانية الديكارتية التى تجوب دراسات الأستاذ مالك من أولها إلى آخرها، فيشعر بنوع من الجفاف في الأسلوب وإن هو إلا “جفاف” الأسلوب العلمي المتميز بالدقة والإيجاز الخالي من الإطناب والتكرار. أذكر، في هذا السياق، اني لما حضرت أول حصة من ندواته الأسبوعية، وأنا في السنة الأولى جامعي، انبهرت بأسلوبه الدقيق والحاد، الذي لا ترى بين ثناياه عاطفة ولا مزحا ولا إطنابا، فلما خرجت من تلك الحصة وانفردت بأحد الأصدقاء(وهو سليمان ب.) قلت له متسائلا:” أللرجل قلب يعطف به في خضم عقلانيته القصوي؟”، فتبسم ضاحكا كأنه يشاطرني الرأي، لكنني عرفت من بعد ما اقتربت من الأستاذ دفأ حنانه ورقة شعوره.
ومن جهة أخرى كثيرا ما يستشهد مالك بوقائع أو يشير إلى شهادات هي من صميم البحوث المتقدمة في شتى المجالات، فيصعب على القارئ غير المتخصص ربط الأفكار فيما بينها وإن بدت له محكمة في التسلسل دقيقة في التعبير.
ولذا ينبغي لتقريب أفكار الأستاذ مالك من مختلف النخب وتوصيلها إلى الأجيال الصاعدة: شرح تلك الأفكار أو تبسيطها وتذليل ما حولها من عقبات. وفي هذا السياق أحيي أخي عبد الرحمان بن عمارة في الجهود التى بذلها من أجل جمع وشرح الكتاب ” Colonisabilité ” الذي صدر مؤخرا.

بماذا تؤاخذون مالك بن نبي كإنسان؟ كمفكر؟ كداعية؟….
ربما نشعر أنه ينقصه كمفكر إسلامي بعض التأصيل الشرعي، بالرغم من أنه قد جعل كشعار لبحوثه ودراساته كلها هذه الآية الكريمة: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. فقد لا نرى لأول وهلة في بعض أفكاره أي ارتباط بالدلالات القرآنية والسنية، مع أنها في صميم تلك الدلالات. زد على ذلك أن الأستاذ كان يرى العلم شاملا لا يختص بدين أو مذهب ولا بفئة أو أخري. أذكر في هذا السياق، أني حضرت أولى محاضراته في ثانوية عمارة رشيد، في أواخر الستينات، وكان معه رشيد بن عيسى ملازما له كعادته، فلما صعدا إلى المنصة شرع رشيد بن عيسى في تقديمه قائلا بعد حمد الله والصلاة على رسول الله: “أتشرف بتقديم الأستاذ مالك بن نبي وهو عالم الاجتماع الإسلامي”، فقاطعه الأستاذ (قبل أن يشرع في المحاضرة) قائلا: “إن كان علم الاجتماع علما في حد ذاته -وهو كذلك- فلا يرتبط إذن بالا سلام وغير الإسلام”. مما يدل على أن مالك بن نبي كان ملتزما بالتفكير العلمي على الإطلاق وساعيا من وراء ذلك إلى وضع المفاهيم الإسلامية على بساط العلوم البحتة، وذلك خير دليل لتبيان التوافق بين هذه المفاهيم وتلك العلوم.
أما كداعية فقد وجه فكره كلية إلى النخبة المثقفة و”أهمل” نوعا ما الشرائح العامة من المجتمع، مع أنه في بداية اهتماماته كان منشغلا في مرسيليا بطبقة العمال المهاجرين الذين لم يكونوا يتمتعون بثقافة عالية. ومع هذا فلا بد من إنصاف الرجل لأمرين:
أولا: إنه كان يرى جوهر المشاكل في الأفكار لذا توجه إلى النخب
ثانيا: كان يأمل من تلاميذه وممن التفوا حوله أن يتولوا بإنزال تلك الأفكار إلى الميدان، فحث من حث على فتح المسجد الجامعي وإنشاء مجلة “Que sais je de l´Islam” وتنظيم ملتقيات الفكر الإسلامي، و”ألف” رجالا ونساء،

هل من اقتراحات عملية تودون إضافتها كتوصيات بمناسبة الذكرى المئوية؟

إنشاء مؤسسة علمية تحمل اسمه وتنتهج منهاجه وتنشر وتوسع أفكاره وبحوث المثقفين التي تصب في نهضة العالم الإسلامي وإصلاحه
هل هناك شيء تودون إضافته؟
أود في الأخير أن أشكر من قاموا بهذه المبادرة الطيبة، جزاهم الله عنا خير الجزاء، فما أحوج أمة الإسلام الآن أكثر مما مضي إلى فكر مالك بن نبي وتطويره لرفع الشبهات عن دين التوحيد في عصر العقلانية والحجة الدامغة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلا عن موقع الشهاب

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.