المسألة الحضارية بين مالك بن نبي وسيد قطب

عدد القراءات :3978

تعددت الجهود الفكرية في الواقع العربي والإسلامي الحديث والمعاصر، والتي راحت تبحث عن مخرج للإصلاح والتغيير لواقعنا الحضاري، وذلك لإخراجه من وطأة الهزيمة الحضارية التي مُني بها المسلم المعاصر، نتيجة لعوامل داخلية وخارجية لا تخفى تداعياتها على كل راصد ومتابع لمسار المرحلة وما أفرزته من تحديات شكلت تهديدًا مباشرًا لكياننا السياسي والحضاري. وقد وجد الفكر العربي الإسلامي نفسه وهو يواجه ضمن واقع عالمي تتسارع وتيرته في التغيير والتقدم في ظل محاولات السيطرة والهيمنة على الشعوب العربية الإسلامية، ضمن مواجهة محورين يبلور من خلالهما توجهاته الفكرية والإصلاحية تجاه تحديات المرحلة: المحور الأول، يقف عند حدود الاستلاب الفكري الذي سعى إلى الترويج للنمط الحضاري والثقافي الغربي، وتكريس القناعة بالبديل الغربي للنهضة والتقدم. والمحور الآخر هو الذي سعى إلى التمسك بهويته التاريخية والحضارية العربية والإسلامية كتعبير عن الخصوصية الثقافية التي تشكل ضرورة مصيرية لكل مشروع فكري يسعى إلى النهوض واستشراف آفاق مستقبلية ناجزة وفعالة ارتباطًا بذاتيتنا العقدية والحضارية. وقد سيطرت الخلافات المذهبية على كافة التيارات الفكرية التي ظهرت في ساحة الفكر العربي الإسلامي الحديث والمعاصر، ويمكن تلمس هذه الخلافات حتى في إطار التيار الواحد، وقد ترتب على ذلك عدم حسم القول عند مؤرخي هذه التيارات بخصوص تصنيفها وتقسيمها، وذلك لأن هذه المسألة تخضع لمعايير فكرية وعقدية يحددها الانتماء المذهبي لهذا الفكر أو ذاك، بالإضافة إلى الصفة التركيبية التي تتعلق بتاريخ المجتمعات العربية والإسلامية وواقعها المعاصر حيث اصطدمت خلاله برياح الحداثة وتيارات التقدم. وإذا كنا بصدد الحديث عن الجهود الفكرية لكل من مالك بن نبي (1905-1973م) وسيد قطب (1906-1966م)، فلما لهما من مكانة بارزة في محيط الفكر الإسلامي المعاصر، ولما أضافته جهودهما المتوقدة في إثراء العقل المسلم برصيد من الأفكار التي ساهمت في صياغة وتكوين العديد من النخب المثقفة في واقعنا الإسلامي، كما مثلت هذه الجهود رؤية ثاقبة حول قراءة المرحلة المعاصرة على المستويين الإسلامي والغربي. وفي إطار هذا السياق ينبغي أن ينصب تناولنا عند قراءة الجهود الفكرية لما يمكن أن يشكل نقاط الالتقاء أو في إطار القواسم المشتركة بين المفكرين، وليس من خلال التنقيب عن نقاط الاختلاف، لأن علينا أن نعترف بأن العقل المسلم المعاصر قد أجهد نفسه في قراءة فكر المرحلة من حيث التحليل والفهم والاستيعاب وبصفة خاصة ما يتعلق بالخطاب القطبي الذي اختلفت القراءات حوله وفق منهجية تتسم بالتعسف الذي يستنزف طاقاتنا الذهنية والفكرية ويقحمنا في دهاليز وأقبية التأويل المروج لهذا الاتجاه أو ذاك. مما أدى في نهاية الأمر إلى استبعاد الجوانب الموضوعية والقضايا الحيوية التي يمكن أن تساهم بشكل فعال في إخراج مجتمعاتنا من مرحلة السكون والوهن إلى مرحلة الفعالية والإنجاز. ولذلك سيعتمد منهجنا في التناول على استبعاد كافة القضايا والمصطلحات التي أشبعت بحثًا وأشبعتنا فرقة وتنابذا، وسنسعى إلى إبراز الجوانب التي شكلت وتشكل، وضمن قناعاتنا الخاصة وفي إطار الوعي بتحديات المرحلة، ما يمكن أن يساهم في طرح خطاب إسلامي معاصر يعي منحنيات الانكسار من أجل تجاوزها للوصول إلى الفعل الناجز اللائق بهوية الأمة وخصوصيتها العقدية والحضارية 1 وفي اعتقادنا أن المناخ الحالي الذي يحياه الإنسان المسلم، وفي ظل مقولات وتجديد سبل الهيمنة الاستعمارية في حلل جديدة ترتدي مسوح الحوار الحضاري وتلاقح الثقافات وإنسانية العولمة المدعاة، هو في نفس الوقت الذي يفترض فيه نهاية التاريخ عند أعتاب النظام العالمي الجديد الذي أطل علينا معلنا زوال الخصوصيات التاريخية والترويج لثقافة واحدية الغرب ومركزيته. نعود فنقول إن طرح مشكلاتنا الفكرية وقراءة المرحلة ومواجهتها، وفي إطار ما لمّحْنا إليه، يجعل من الضروري على المفكر المسلم طرح البعد الإسلامي الحضاري كمحور جوهري يتصف بالشمول والكلية، ويتجاوز كافة القضايا الجزئية التي نأت بنا عن المشكلات في إطار القضايا المصيرية التي تضعنا في قلب الأحداث وليس خارجها، وتسعى إلى فهم المشكلات من خلال الواقع وآلياته وتداعياته، وليس من خلال الآمال والأحلام التي أزهقت طموحاتنا الفكرية ومن ثم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وتعد المسألة الحضارية من أهم القواسم المشتركة التي شغلت كلاًّ من مالك بن نبي وسيد قطب، ففي ظل الجدلية القائمة بين الخصوصية الحضارية الإسلامية، وبين واقع العالم الإسلامي المتردي، حاول مالك بن نبي أن يقف على المقاصد الحقيقة للأفكار والمرتكزات التي صاغت حركة الحضارة الإسلامية عبر التاريخ، وهنا يلعب عنصر الزمان دورًا بالغًا في فكره، لأن الوعي التاريخي بالمرحلة وبجذورها، هو الذي حدد مقاصد اجتهاداته حول المسألة الحضارية، فالتاريخ عنده كرؤية وسؤال عن الزمن، يوظف داخل سياق البحث عن المعنى الكامن وراء الحدث الحضاري الإسلامي. ووفق هذا المنحى ينطلق مالك بن نبي من وعي بخلل ذاتي حل بالمجتمع الإسلامي الذي يعاني أزمة تخلف حضاري، وهو يرى أن إصلاح هذا الخلل، لا يمكن أن يتم في غياب المقومات الإسلامية التي صنعت التجربة الحضارية الإسلامية في التاريخ. لقد صاغ مالك اجتهاداته الفكرية في إطار التمسك بالذاتية الإسلامية، واعتبر أن أي تناول حضاري لمسلم القرن العشرين، لا يمكن أن يتم في غياب هذه المقومات التي تمثل مرتكزات الانطلاق نحو الفعالية الحضارية التي غابت أو غيبت ونحن نواجه كافة العوامل التي تسعى إلى اجتثات كيان الأمة المسلمة في خضم الكيانات المعاصرة. يقول ابن نبي: “إن المشكلة التي استقطبت تفكيري واهتمامي منذ أكثر من ربع قرن وحتى الآن هي مشكلة الحضارة” 2. لماذا؟ لأن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته، ولا يمكن أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها 3 . فقضية الحضارة هي القضية الكبرى في هذا العصر، بل في كل عصر، إنها الحيز الذي تنبثق منه وتنتظم فيه، مختلف القضايا القومية والإنسانية. وبخصوص سيد قطب وموقفه من المسألة الحضارية فنراه في كتابه “معالم في الطريق” قد أعلن عن كتاب له تحت الطبع بعنوان “نحو مجتمع إسلامي متحضر” ثم عاد في الإعلان التالي فحذف كلمة “متحضر” مكتفيًا بأن يكون عنوان البحث – كما هو موضوعه- على أنه ناشئ عن “عملية دفاع نفسية داخلية عن الإسلام”، وقد أسف عن هذه العملية –غير الواعية- التي حرمته من مواجهة المشكلة على حقيقتها 4 . والحقيقة حول هذه القضية – أن مالكا- قد تعرض لرأي صاحب “المعالم” وهو في معرض حديثه عن الكيفية التي يوظف بها المسلم المعاصر عقيدته في واقع حياته الاجتماعية والحضارية، حيث يرى أن المسلم المعاصر يصرف نظره أحيانا عن بعض المشكلات خوفًا من أن يصطدم بمحرم في الدين، ناتجًا في نفسه عن عقدة الحرمان، حين يواجهها صراحة، فهو عندما يعالج مرضاً في المجتمع الإسلامي يشعر كأنه يسيء الظن بالإسلام، وهذا الموقف التلفيقي اللاإرادي يعرض جهوده أحيانا للخطر، حين يحول بينها وبين أن تُؤتَى ثمارها في الميدان الاجتماعي 5. ثم يشير مالك إلى أنه عندما يتعلق الأمر بموقف مثقف يريد دراسة مشكلات العالم الإسلامي دراسة موضوعية، فإن عقدة نفسية كهذه تعقد مجهوده. لقد أراد أحد هؤلاء المفكرين – يقصد سيد قطب- أن يضع خطة مؤلف اختار له بحق هذا العنوان نحو مجتمع إسلامي متمدن، ولكنه فكر فعدل العنوان بالصورة التالية: “نحو مجتمع إسلامي”، وفي هذه الحالة نرى أن العلاقة المعيبة تتدخل في صورة حرمان أدبي بغرض التعديل المذكور. ويرى ابن نبي أن المفكر الكبير قد اعتبر أن الكلمة المتقطعة من العنوان الأول قد صرفت المشكلة في عقله فاختلستها وحذرتها بصورة ما في ضميره، فإن العملية التي تتم في الإطار النفسي لها طبعًا نتيجة في الإطار الأدبي، إنها تقطع في الواقع المشكلة الأولية عن عنصرها الجوهري، وهو البحث في شروط حضارة المجتمع الإسلامي. ويستنتج ابن نبي أن سيد قطب قد استبعد مشكلة العالم الإسلامي الحاسمة من بحثه، حين اعتقد وحملنا على الاعتقاد بأن المجتمع الإسلامي هو على وجه التحديد “متمدن” وهكذا نراه وقد انجر “مرغما” تحت تأثير “حالة إخلاص” إلى موقف من المدح العقيم. ومع ذلك فكم كان يمكنه لأن يخدم المصلحة العليا في العالم الإسلامي لو أنه وقف موضوعيًا إلى النهاية معتبرًا أنه يوجد فعلاً “مجتمع إسلامي” ولكنه موجود في حال “بادرة الحضارة” وأن من الأوفق أن نواجه مشكلة حضارته 6 . ثم يلتمس قطب العذر لمالك فيرى أنه كان مثله من قبل، كان يفكر على النحو الذي يفكر هو عليه الآن، عندما فكر في الكتابة عن هذا الموضوع لأول مرة: “كانت المشكلة عندي – كما هي عنده اليوم- هي مشكلة «تعريف الحضارة». ثم يضيف أنه لم يكن قد تخلص بعد من ضغط الرواسب الثقافية في تكوينه العقلي والنفسي، وهي رواسب آتية من مصادر أجنبية، غريبة على حسه الإسلامي الواضح في ذلك الحين. اعتقد سيد قطب أن هذه الرواسب كانت تغبش تصوره، وتطمس وتحرق الرؤية الواضحة الصحيحة، فالاختلاف إذن هو على «تعريف الحضارة» 7. ونحن تعقيبًا على هذا الموقف بين كل من المفكرين نرجئ الحكم على طبيعة الخلاف المنهجي الذي ظهر بينهما بعد عرض موقفيهما من تعريف الحضارة وبيان شروطهما وأهمية البعد الحضاري في الحركة التاريخية والفروق الكائنة بين مسار الإسلام والغرب وموقف المسلم المعاصر من المشكلة الحضارية وغير ذلك من تساؤلات نتلمس الإجابة عليها في هذا السياق. وإشكالية ابن خلدون الحضارية – وهي الإشكالية التي تدور على قيام الدول وأفولها – قد مثلت الهامش الرئيسي عند المفكرين العرب المحدثين، منذ أن اتصل الإسلام بالغرب، فباتت القضية الجوهرية هي القضية التي تدور حولها “المقدمة”، قيام الحضارات وانهيارها، صورة الأمة أو الدولة المثلى التي يمكن لقيامها، تجنب استمرار التقهقر، والخروج من حالة الانحطاط، والتقدم نحو المستقبل بأكثر فعالية 8 . وهذا المنحنى الخلدوني في الفكر الحضاري، يتجلى في أعمال جميع المفكرين البارزين في العصر الحديث: من رفاعة الطهطاوي (1801- 1873م) إلى “مالك بن نبي”. ولم يقتصر تأثر هؤلاء المفكرين بأفكار “ابن خلدون” فحسب، وإنما نشهد أيضًا نقدًا صريحًا لها، أو انحرافا بينًا عنها، أو استقلالاً فريدًا إزائها. ويعد ابن نبي من أبرز المفكرين المسلمين في العصر الحديث الذين تركزت جهودهم الفكرية والعملية على دراسة الفقه الحضاري منذ ابن خلدون. وإذا كنا ندعو المسلم المعاصر أن يسعى إلى امتلاك ناصية الوعي الحضاري وأن يتناول المشكلات التي تواجه الأمة من خلال المنحى الذي يفرض نفسه على الإنسان المعاصر في ضوء تحديات العولمة التي ترتدي مسوح التحضر وتلتف برداء الكوكبية التي تسعى إلى إقصاء الخصوصيات وتدمير الثقافات المحلية، فإن مالك بن نبي يرى في هذا الصدد أن المشكل الرئيسي، بل أم المشكلات التي يواجهها العالم الإسلامي هي مشكلة الحضارة، كيف تدخل الشعوب الإسلامية في دورة حضارية جديدة، وكيف تعود الشعوب الإسلامية التي خرجت من صلب التاريخ لدورة حضارية جديدة. وإذا سلمنا بهذه الحقائق، يبقى علينا أن نفكر في مصير العالم الإسلامي، وكيف يمكن لنا الدخول في دورة حضارية جديدة 9. ودخول المسلم المعاصر لريادة دورة حضارية جديدة مشروط عند مالك بموقف المسلم من عقيدته، حيث يرى أن الذي ينقصنا هو العمل بموجب العقيدة الإسلامية، الإسلام وحده هو الذي يمكن أن يعيد المسلمين إلى عالم الحضارة الخلاقة المبدعة ويدخلهم في حلبتها، ولكن شريطة أن يعتبروا أن هذه العقيدة رسالة ضرورية ولا غنى عنها، ولكن العقيدة لا يمكن أن تحرك الطاقات، إلا بقدر تسخيرها لحاجات أبعد وأسمى وأجل من الحياة اليومية، ونحن لا نرى لعقيدتنا الإسلامية هيمنة على طاقتنا الاجتماعية.و لهذا فهذه الطاقات معطلة تمامًا، لأننا جعلنا من الإسلام وسيلة للحياة الأخروية، بينما كانت في عهد الرسول عليه صلوات الله وأزكى سلام وسيلة النجاة في الحياة الأخروية، وأيضاً وسيلة المجد والعز والحضارة في الحياة اليومية 10. وفي هذا الصدد يؤكد سيد قطب على أن الإيمان، الذي هو جوهر الشخصية المسلمة، ليس مجرد مشاعر في الوجدان أو تصورات في الذهن، لا ترجمة لها في واقع الحياة، وليس هناك إيمان هو مجرد شعائر تعبدية ليس معها عمل يكيف منهج الحياة كله ويخضعه لشريعة الله، لأن المسلم مطالب بأداء شهادة بهذا الدين وبكل تكاليفها في النفس والجهد والمال: «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا» (البقرة 143). ويرى أن الأصل في طبيعة الحياة الإنسانية – طبقا للخطاب الإسلامي- أن يلتقي فيها طريق الدنيا وطريق الآخرة، وأن يكون الطريق إلى صلاح الآخرة، هو ذاته الطريق إلى صلاح الدنيا، وأن يكون الإنتاج والنماء والوفرة في عمل الأرض هو ذاته المؤهل لنيل ثواب الآخرة، كما أنه المؤهل لرخاء هذه الحياة الدنيا، وأن يكون الإيمان والتقوى والعمل الصالح هي أسباب عمران هذه الأرض، كما أنها وسائل الحصول على رضوان الله وثوابه الأخروي 11. ويعرف قطب “الحضارة” بقوله: حين تكون الحاكمية العليا في المجتمع لله وحده – ممثلة في سيادة الشريعة الإلهية- تكون هذه هي الصورة الوحيدة التي يتحرر فيها البشر تحريرًا كاملاً وحقيقيًا من العبودية للبشر، وتكون هذه هي “الحضارة الإنسانية” لأن حضارة الإنسان تقتضي قاعدة أساسية من التحرر الحقيقي الكامل للإنسان، ومن الكرامة المطلقة لكل فرد من المجتمع، ولا حرية، في الحقيقة، ولا كرامة للإنسان ممثلاً في كل فرد من أفراده في مجتمع بعضه أرباب يشرعون وبعضه عبيد يطيعون 12. وهذا يعني أن مرجعية الكيان الحضاري عند سيد قطب تنطلق وترتكز على التشريع الإلهي، وهو يرى الحضارة الحقيقية هي التي يتحرر فيها الإنسان من كل تشريع أرضي. ثم يربط بين التحضر وإنسانية الإنسان حيث يرى أنه حين تكون إنسانية الإنسان هي القيمة العليا في مجتمع، وتكون الخصائص الإنسانية فيه هي موضع التكريم والاعتبار، يكون هذا المجتمع متحضرًا، فأما حين تكون “المادة” – في أية صورة- هي القيمة العليا … سواء في صورة “الإنتاج المادي” في أمريكا وأوروبا وسائر المجتمعات التي تعتبر الإنتاج المادي قيمة عليا تهدر في سبيلها القيم والخصائص الإنسانية، فإن هذا المجتمع يكون مجتمعًا متخلفا 13. ومن المحاور التي يمكن من خلالها الكشف عن أهم السبل الواجب الأخذ بها لتفصيل دور الأفكار في نهضة المجتمعات، مسألة العلاقة بين الفكر والواقع، وحول علاقة الوسائل التي يملكها المجتمع بالغايات التي حددها هدفا له، وهو ما يمكن أن نعثر عليه من خلال الفعالية الفكرية ذات البعد الحضاري، وهو بحث في العلاقة المتبادلة بين العناصر الثقافية التي تؤثر في البيئة الحضارية، وفي مدى ملاءمة القيم والأفكار للغايات التي تسعى الحضارة لتأصيلها في محيط الإنسان الاجتماعي وفي علاقات هذه الحضارة بالكيانات الثقافية الأخرى. وفي هذا الصدد يرى ابن نبي أن غايات النشاط الحضاري على مستوى الإنجاز العلمي يتم بلورتها من خلال الأسس العقدية والفكرية التي تستقطب هذه الغايات وتحتويها من خلال النشاط الفردي والجماعي، إلى أداة الفعالية الحضارية وهنا يصبح للفكر الذي تمثله حضارة ما دوره، وحيويته في حركة الحضارة ومسارها 14. وفي هذا الصدد يذكر قطب، في معرض حديثه عن خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، أن الإيجابية صفة ملازمة للنشاط الإنساني، إيجابية المؤمن بهذه العقيدة في واقع الحياة على وجه خاص. وهذا التصور ما يكاد يستقر في الضمير حتى يتحرك لتحقيق مدلوله في صورة عملية، وليترجم ذاته في حالة واقعية، والمؤمن بهذا الدين ما يكاد الإيمان يستقر في ضميره حتى يحس بقوة فاعلية مؤثرة، فاعلية نفسه، وفي الكون من حوله، يقول تعالى: «إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا. وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله. أولئك هم الصادقون» (الحجرات 15). وأيضا: « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله» (آل عمران 110) 15 . وحول الدور الذي قامت به الحضارة الإسلامية – في ظل هذه التوجيهات الدافعة إلى الفعل الحضاري- يتحدث مالك بن نبي عن مؤامرة الصمت التي قام بها الغرب في سبيل إقصاء العطاء الحضاري الإسلامي، وذلك من أجل ترسيخ القناعة بأحادية الغرب ومركزيته فيرى أن جميع الوسائل قد اتخذت لمحو الحضارة الإسلامية من سجل التاريخ. من أجل ذلك زور الكتاب الغربيون التاريخ حتى ظهر في عيون من أخذ عنهم أن التاريخ البشري ليس تلك السلسلة التي تتصل فيها جهود الأجيال، وإنما في نظرهم تلك المسافة المختزلة، التي تبتدئ من الأكروبول في أثينا، وتنتهي عند قصر شايو بباريس. وأكثر من ذلك بقليل، فقد تظهر هذه الخرافة علمية في أعين قوم من أعلام المثقفين في أوروبا حتى أنه لتعلوهم الدهشة إذا ما كشف لهم المتحدث عن وهم هذه المسافة التي رأوا في مبتدئها ابتداء للمدنية وفي منتهاها انتهاء لها، ولو أنهم دققوا النظر لوجدوا هوة كبير تفصل حضارة أرسطو وحضارة ديكارت، أي حضارة اليونان وحضارة الغرب، وأن تلك الهوة من القرون هي الحضارة الإسلامية 16 . ويشير ابن نبي إلى خاصية هامة أضافها العقل المسلم في تاريخ الحضارات، فلو كنا مبررين للفكر الإسلامي من ناحية تطور العلم، لكنا مكتفين بابتكارين لولاهما لم يصل التقدم التكنولوجي في القرن العشرين إلى ما وصل إليه: أولهما النظام العشري في الحساب، وثانيهما علم الجبر الذي نقل الأرقام من صورتها المحسوسة إلى الرموز المجردة. وهذا وحده كفيل بأن يجعلنا ندرك ما يدين به العقل الإنساني للعقل الإسلامي من وسيلة لا يستطيع بدونها السير والتقدم في ميدان العلوم، علوم الضبط والتقدير الحاسم، ونحن ندين بوضع هذا النظام وذاك العلم لذلك المناخ العقلي الذي كونته القيمة القرآنية في المجتمع الإسلامي 17 . ويربط مالك بين هذه التوجيهات وذلك العطاء في تاريخ العلم بمشكلات المسلم المعاصر، حيث يرى أن مقومات الحياة العلمية تلك ما زالت حية نابضة، وعلى المسلم إذا ما أراد استنهاض ذاته الحضارية أن يتمسك بها، وعلينا أن نذكر المسلم بأن هذه المرتكزات التي تحث على استنهاض العقول والجهود في سبيل الإنجاز، ما تزال تحت يد المجتمع الإسلامي متى أراد استخدامها من جديد، وبحسبنا أن نقرر أن مساهمة الفكر الإسلامي في تنمية تراث الإنسانية العلمي ليست تقدر فحسب بإنجازات يقررها أو ينفيها المستشرق حسب هواه، بل تقدر بالتغيير الجذري الذي أحدثه المفهوم القرآني في المناخ العقلي والبناءات منذ كلمة “اقرأ” 18 . وحول نفس الجانب المتعلق بعطاء الحضارة الإسلامية في التاريخ يرى سيد قطب أن الوثيقة الفريدة التي حققها الإسلام في تاريخ البشرية، وهذا الألف عام من المستويات الرفيعة، لم تذهب كلها سدى، ولم تتبدد من عالم الحياة ضياعًا، ولم تترك البشرية بعدها كما تسلمتها من قبل. والخطوط العريضة التي تركتها موجة المد الإسلامي في حياة البشرية كلها قد ترسبت آثارها في التاريخ البشري، فحركة الإصلاح الديني، التي قام بها مارتن لوثر وكالفن في أوروبا، وحركة الإحياء التي تقتات منها أوروبا حتى اليوم، وحركة تحطيم النظام الإقطاعي في أوروبا، والانعتاق من حكم الأشراف، وحركة المساواة وإعلان حقوق الإنسان التي تجلت في الماجنا كارتا في إنجلترا، والثورة الفرنسية، وحركة المذهب التجريبي التي قام عليها مجد أوروبا العلمي وانبعثت منها الفتوحات العلمية الهائلة في العصر الحديث، وأمثالها من الحركات الكبرى، التي يحسبها الناس أصولاً في التطور التاريخي، كلها قد استمدت من ذلك المد الإسلامي الكبير، وتأثرت به تأثرًا أساسيا عميقًا. ومن جامعيْ الأندلس، ومن تأثير حضارة الشرق الإسلامي، التي أصبحت حضارة عالمية، ومن الترجمات الأوربية لتراث العالم الإسلامي، انبعثت حركة الإحياء الأوربية في القرن الرابع عشر وما تلاه، وانبثقت كذلك الحركة العلمية الحديثة، وبخاصة الطريقة التجريبية 19. ثم يستشهد بأمثلة من الشهادات الغربية الموضوعية والمنصفة في هذا الصدد من أمثال “بريفولت” في كتابه “بناء الإنسانية” وغيرهم. وحول تحليل مالك لمسار الحضارة الغربية، والتي شغلت اهتمامه وتبلورت في كتاباته من خلال منهجية واعية نفتقدها في إطار جهودنا الفكرية المعاصرة، يرى مالك أن تجربة الحضارة الغربية، تعد درسا خطيرا لفهم مصائر الشعوب والحضارات، وهي جد مفيدة لبناء الفكر الإسلامي، لأنها صادفت أعظم ما تصادفه عبقرية الإنسان من نجاح، وأخطر ما باءت من إخفاق. وإدراك الأحداث من كلا الوجهين ضرورة ملحة للعالم الإسلامي في وقفته الحالية، إذ هو يحاول ما وسعته المحاولة أن يفهم مشكلاته فهمًا واقعيًا، وأن يقوم أسباب نهضته كما يقوم أسباب فوضاه تقويما موضوعيا. وهذا الإشعاع العالمي الشامل الذي تتمتع به ثقافة الغرب، هو الذي يجعل من فوضاه الحالية مشكلة عالمية، ينبغي أن نحللها، وأن نتفهمها في صلاتها بالمشكلة الإنسانية بعامة، وبالتالي بالمشكلة الإسلامية 20 . ومن أهم الجوانب في الممارسة الغربية والتي استحوذت على جهود مالك الفكرية والحضارية، رصد الغرب كظاهرة استعمارية، وخاصة في إطار التجربة المريرة التي عاناها الشعب الجزائري المسلم، وعانى منها مالك نفسه في حياته الفكرية والعملية، فيرى أن الاستعمار قد انقلب في الضمير الأوروبي إلى قومية عمياء، آلت بعد تصفيتها وتقطيرها وتكريرها إلى أسطورة “الجنس المختار” التي تتخذ فيما بعد ذريعة إلى بلوغ قمة البربرية، وبذلك أدى قيام الاستعمار على أساس احتقار الأجناس إلى نشوء “جنس أسمى” بين سائر الأجناس البشرية 21. وفي هذا الصدد يرى مالك أن الأوروبي في حالة انفصال عن الإنسانية منعزل عنها، عازف عنها، كأنه ليس منها، بل يتربص بها الدوائر كي يجعل منها حاجة يملكها، وشيئا يغتصبه، عندما تدق ساعة الفتوحات الاستعمارية 22. وثقافة الغرب لم تعد ثقافة حضارة، فقد استحالت بتأثير الاستعمار والعنصرية، وأضحت ثقافة امبراطورية 23 . وحول أثر النزعة الآلية-المادية على الأخلاق في الغرب، يستنتج مالك أن أوروبا النازعة إلى “الكم” وإلى “النسبية” قد قتلت عددًا كبيرًا من المفاهيم الأخلاقية حين جردتها من معانيها النبيلة وأحالتها ضروريا من الكلمات المنبوذة في اللغة طريدة الاستعمال من الضمير24 . ويندد مالك بالتقدم التكنولوجي الذي لم يستخدمه الغرب إلا لتعهد الشعوب المستعمرة، والتحكم بها واستغلالها 25 ويضيف أن المجتمع الأمريكي يعاني من ظاهرة تضخم من ناحية أخرى. تضخم الإمكان الحضاري، وتضاؤل الإرادة الحضارية، وأن الهوة أصبحت تتسع بين الواقع الطبيعي الإنساني الذي ورث مبرراته وواقعه الثقافي اليوم 26. وإذا كان التوازن بين عناصر البناء الحضاري هو المفتقد في حضارة الغرب، فيرى مالك أن الحضارة يجب أن تحدد من وجهة نظر وظيفية، فهي مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده، في كل طور من أطوار وجوده، منذ الطفولة، إلى الشيخوخة، المساعدة الضرورية في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه 27 . ومن ثم يطرح ابن نبي أهمية التوازن والتعادل في المعادلة الحضارية، فما كان لحضارة أن تقوم إلا على أساس من التعادل بين الكم والكيف، بين الروح والمادة، بين الغاية والسبب، فأينما اختل هذا التعادل في جانب أو في آخر كانت السقطة رهيبة قاصمة 28 . وحول قراءة وتحليل حضارة الغرب في فكر سيد قطب، فقد قدم في هذا الصدد العديد من الرؤى والتحليلات التي تضمنتها مؤلفاته، وخاصة وبتناول مباشر في كتابه “الإسلام ومشكلات الحضارة”، بالإضافة إلى التعرض لهذه القضية في ثنايا مؤلفاته المتعددة وفي “ظلال القرآن”. وهو يرى أن خط الحياة الحالي يمضي يوما بعد يوم في تدمير خصائص الإنسان، وتحويله إلى آلة من ناحية وإلى حيوان من ناحية أخرى، وقد ظهر ذلك في الأمم التي وصلت إلى قمة الحضارة المادية. وهو منحى يشبه بتناقص الخصائص الإنسانية وضمورها وتراجعها، قدر ما يشبه بنمو الخصائص الآلية والحيوانية وتضخمها وبروزها. يلخص قطب أهم عناصر مأساة الحضارة المعاصرة في الغرب من خلال عدد من الظواهر نلخصها في جهلنا المطبق بالإنسان على الرغم من سعة علمنا نسبيًا بالمادة، وتخبط الحياة البشرية لقيامها على أساس من هذا الجهل، وقيام حضارة مادية لا تلائم الإنسان، ولا تحترم خصائص تعامله بالمقاييس الآلية وبالمقاييس الحيوانية، وبروز هذه الحضارة وتضخمها في الأمم التي وصلت إلى قمة الحضارة المادية. ثم يفرد تحليلا مطولا لكتاب “الإنسان ذلك المجهول” الذي ألفه العالم الفرنسي ألكسيس كاريل كشاهد إثبات يحلل أزمة الحضارة المعاصرة ويبحث عن السبل التي يمكن أن تخرج الإنسان الغربي من دائرة العلوم المادية أو علوم الجماد كما يطلق عليها، إلى رحابة علوم الإنسان والقيم الأخلاقية للرجوع بالمعادلة الحضارية إلى التوازن المفقود. وهو يقرر ابتداء أن حقيقة علمنا عن الإنسان لا شيء، وأننا نعيش في “جهل مطبق” بهذا الكائن الذي هو نحن، فهناك تفاوت عجيب بين علوم الجماد وعلوم الحياة، فكيف نستطيع أن نحول دون تدهور الإنسان وانحطاطه في المدنية العصرية؟ 29 . ويرى قطب في تحليله طبيعية هذه النظرة إلى مسار الغرب، أن صانعي الحضارة الحديثة، لم يكن لديهم العلم بحقيقة هذا الإنسان وخصائصه، كما لم تكن لديهم الرغبة في احترامه وتكريمه. لقد صادفت النهضة العلمية في الغرب ذلك “الفصام النكد” بين الدين وبين النهضة الحضارية، ومن ثم لم يلحظ في بنائها هذا الإنسان، الذي من المفروض أن يكون صانعها، وأنها من أجله صنعت 30. وجناية الحضارة الراهنة، وسبب فسادها الأساسي، وإهدارها للقيم الإنسانية والخصائص الإنسانية والمقومات الفردية، وكل ما يدفعها الدكتور كاريل بحق يكمن في رفضها ابتداء أن يكون للدين بوصفه منهجا للحياة من عند الله، وبسبب هذا الرفض القديم – منذ أيام النهضة- وارتداد أوروبا إلى الوثنية الرومانية، قامت الحضارة الحديثة على قاعدة لا دينية، ومن هذه الثغرة جاءتها كل الآفات وجنايتها الحقيقية على الإنسان تنبع كلها من هذا المصدر الخبيث، وإهدارها للقيم الإنسانية، والخصائص النوعية والفردية، مرده كله إلى هذا المنبت النكد. يبدأ هو من أحد الفروع وهو تخلف علوم الإنسان عن علوم المادة، وإدراكنا حدود النشاط الديني الذي تكتبه هذه الحضارة في مداها الواسع الشامل، لكل جانب من جوانب الحياة الإنسانية، ومن ثم تختلف في وصف العلاج على ذات المستوى 31 . ويرى قطب أننا ندرك من دراستنا لموقف الدكتور كاريل الذي يستحق العطف والرثاء أننا يجب أن نتقدم لحمل العبء، لأننا نملك منهجًا لا يعادي العلم مطلقا، ويرحب بمزيد من علوم الإنسان على وجه الخصوص، ولكن في الوقت ذاته لا يكل لهذا العلم وحده بناء الحياة الإنسانية، وإنما يضع الإطار العام الذي يعمل فيه العلم، ويعمل فيه العقل، في دائرة مأمونة. هذا الإطار من صنع الذي “يعلم” حق “العلم” حقيقة هذا الإنسان وفطرته وطاقاته وحاجاته الحقيقية، فلا تخفى عليه من الإنسان خافية، وهو إطار واسع جدًا شامل للإنسان كله، تدور الحياة البشرية في داخله على محور ثابت، فتتحرك دائما حول هذا المحور، وداخل هذا الإطار، حركة نامية متجددة، وهي في الوقت ذاته آمنة سالمة 32 . وبهذه المنهجية في التعامل مع الحضارة الغربية من خلال أزمة الإنسان في ظلالها، ينظر سيد قطب إلى مسار هذه الحضارة. وقد أصاب حين انطلق من قراءة ما آلت إليه من خلال أهم رموزها العلمية والفكرية، فلم يصادر تشخيصهم لحضارتهم ولكن أضاف من أرضيته الإسلامية وخصوصيته الحضارية، ما يرى أنه يسد الثغرات ويعالج الأزمات التي عانى منها الإنسان الغربي. وتبقى العديد من المحاور والقضايا المتعلقة بالمسألة الحضارية بين كل من مالك بن نبي وسيد قطب، ولا يتسع المقام لعرضها وتحليلها، ونعود إلى الإجابة عن التساؤل الذي أرجأنا الإجابة عليه حول طبيعة الموقف الحقيقي من مصطلح الحضارة بينهما، فنرى ومن خلال السياق الذي عرضناه أن هناك فرقًا بين المفكرين، ولكن الفرق بين وجهتي نظر متكاملتين، وليستا متناقضتين. فمالك بن نبي يركز في منهجه الفكري على الجوانب الموضوعية في معالجة مشكلة الحضارة، وذلك بحكم تكوينه الثقافي والمنهجي واحتكاكه المباشر بالحضارة الغربية، هذا مع تأكيده على الدفعة القرآنية الحية، ودور الفكرة الدينية في معادلاته المكونة والدافعة إلى الفعل الحضاري الناجز. وسيد قطب يركز في منهجه الفكري على الجوانب الذاتية في معالجته لمشكلة الحضارة، حيث يعتبر أن الشروط التي صنعت “الجيل القرآني الفريد” وحاكمية المجتمع لله وحده في كل الأمور، ذلك هو المنطلق، ولكنه في نفس الوقت لم يغفل الشروط الموضوعية اللازمة لبناء الأمة أو الحضارة الإسلامية.

 الهوامش:

 × أستاذ مساعد الفكر الإسلامي المعاصر كلية دار العلوم – جامعة المنيا ـ مصر

1 ونحن نقصد هنا القضايا التي أفرزت العديد من الإشكاليات المنهجية التي لم تحل ولم تحسم، وكانت من أسباب عرقلة الخطاب الإسلامي في الواقع المعاصر لما تحمله من دلالات ورمزية تستعصي على الاستقبال والتبليغ بسبب حالة التآمر والإقصاء التي يتعرض لها العمل الإسلامي، ونذكر منها مصطلحات الجاهلية والحاكمية ومجتمعات الكفر ودار الحرب ودار الإسلام وغيرها.
2 نص حوار مع مالك بن نبي. مجلة الشباب المسلمين. العدد 171، ربيع الأول 391 ه-مايو 1971، 16-17.
3 مالك بن نبي. شروط النهضة. دمشق، دار الفكر، 1979، ص 19.
4 سيد قطب . معالم في الطريق .القاهرة ، دار الشروق، ص 117.
5 مالك بن نبي. فكرة الأفريقية الآسيوية. دمشق، دار الفكر، 1981، ص 245.
6 لمرجع السابق، ص 246
7 سيد قطب. معالم في الطريق، ص 117-118.
8 د.فهمي جدعان. نظرية التراث. عمان، دار الشرق، 1985، ص 125 وما بعدها.
9 لحوار السابق لمالك بن نبي، ص 16-17.
10 لحوار السابق.
11 سيد قطب. في ظلال القرآن. القاهرة، دار الشروق، 1981، ج1، ص 930-931.
12 سيد قطب. معلم في الطريق، ص 118-119.
13المرجع السابق، ص 120-121.
14 مالك بن نبي. مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي. القاهرة، مكتبة عمار، 1971، ص 184.
15 سيد قطب. خصائص التصور الإسلامي ومقوماته. القاهرة، دار الشروق، 1978، ص 184.
16 مالك بن نبي. شروط النهضة. دمشق، دار الفكر، 1973، ص 148. 17 نفسه، ص 47-48.
18 مالك بن نبي. تأملات. دمشق، دار الفكر، 1977، ص 53.
19 سيد قطب. هذا الدين. دار الشروق، القاهرة، 1978، ص 63-70. 20 مالك بن نبي. وجهة العالم الإسلامي. دمشق، دار الفكر، 1981، ص 113.
21 نفسه، ص 124.
22 مالك بن نبي. في مهب المعركة. دمشق، دار الفكر، 1981، ص 160. 23 مالك بن نبي. وجهة العالم الإسلامي، ص 62.
24 نفسه، ص118.
25 نفسه، ص 119.
26 مالك بن نبي. دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين. دمشق، دار الفكر، 1978، ص 26-27.
27 مالك بن نبي. آفاق جزائرية. القاهرة، مكتبة عمار، 1971، ص 38.
28 مالك بن نبي، وجهة العالم الإسلامي، ص 156.
29 سيد قطب. العالم الإسلامي ومشكلات الحضارة. بيروت، دار الشروق، 1979، ص 5 وما بعدها.
30 نفسه، ص 108 وما بعدها.
31 نفسه ، ص 118 – 119 .
32 نفسه ، ص 170 .

المصدر : مجلة رؤى العدد 20 سنة 2003 م

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.